التربية الدامجة تعريف ومرتكزات ومبادئ
نقدم لكم في موقعنا الجامعة التربوية هذا المقال في موضوع التربية الدامجة، وبشكل خاص مرتكزات ومبادئ التربية الدامجة. وهو مقال مقتطف من دليل التربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة
التربية الدامجة
تعريف مفهوم التربية الدامجة
تعريف منظمة اليونسكو للتربية الدامجة
تعرف منظمة اليونسكو التربية الدامجة بأنها: «تربية مبنية على حق الجميع في تربية ذات جودة تستجيب لحاجات التعلم الأساسية، وتثري وجود المتعلمين. ولأنها تتمحور بالخصوص حول الفئات الهشة، فهي تحاول أن تطور بالكامل إمكانات كل فرد. ولذلك يكون الهدف النهائي للتربية الدامجة ذات جودة هو إنهاء جميع أشكال التمييز وتعزيز التماسك االجتماعي».
تعريف منظمة إعاقة دولية لمفهوم التربية الدامجة
تعرفها منظمة إعاقة دولية بأنها: «تعني نظاما تربويا يأخذ بعين الاعتبار في مجال التعليم والتعلم الاحتياجات الخاصة لكل الأطفال واليافعين الموجودين في وضعية تهميش وهشاشة، بمن فيهم الأطفال في وضعية إعاقة. إنها تستهدف إزاحة التهميش عن الجميع وتحسين شروط التربية للجميع».
مرتكزات التربية الدامجة
تنبني التربية الدامجة على أربعة مرتكزات، وهي:
المرتكزات الاجتماعية والقانونية:
أسهمت الحركات الإنسانية والمنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني في الدفع إلى تبني مقاربات جديدة في مجال الحق في التعلم، ولكن أيضا في فلسفة دمج الأقليات والفئات الهشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ونبذ الأقصاء، واحترام الاختلاف، وتعزيز مفهوم المواطنة والعيش المشترك.
وتستمد التربية الدامجة تصوراتها من هذه الشعارات والمبادئ التي سرعان ما كان لها أثر على إصدار مواثيق واتفاقيات دولية. فقد نص ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الأنسان الصادر في 1948 ضمن مادته 26على أن: «كل إنسان له الحق في التربية». فبرز الحق في التربة الدامجة ضمن القواعد الأثنين والعشرين لتكافؤ فرص الأشخاص في وضعية إعاقة، وهي القواعد التي حددتها الأمم المتحدة في دجنبر 1993. وتنص إحدى هذه القواعد على ما يلي: «الأشخاص المعاقون يشكلون جزءا من المجتمع، ولهم الحق في أن يبقوا ضمن جماعاتهم الأصلية. وعليهم أن يتلقوا الدعم الذي يحتاجونه ضمن البنيات العادية للتربية والصحة والشغل والخدمات الاجتماعية«.
المرتكزات الاجتماعية والاقتصادية:
يحيل هذا المرتكز على حاجة اجتماعية أساسية هي الحاجة إلى التناغم والتوازن والأمن، باعتبارها حاجات ضرورية للتطور، إذ إن مجتمعا تتجاذبه الصراعات، ويفتقر إلى التلاحم والتضامن بين الفئات المختلفة، لا يمكنه امتلاك أدوات التقدم.
وتسهم التربية الدامجة في ذلك التناغم من خلال حرصها على تنشئة الأطفال، كل الأطفال، على قبول الاختلاف، وأهمية التعاون والعيش المشترك من خلال العلاقات التي ينسجونها داخل المدرسة وفصولها الدراسية، وكذا التفاعل الإيجابي الذي يدبره المدرس(ة) وهو ييسر المشاريع البيداغوجية للمتعلمين. إن تواجد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في فصول عادية هو تربية على المواطنة وعلى العيش في المجتمع مع أشخاص مختلفين لكن لهم الحقوق نفسها. ويهيئهم لهم لمرحلة الرشد، وتحمل المسؤولية، فيكونوا أقل وصما، وأقل ميزا، وأكثر قابلية للدمج والاندماج. سواء على مستوى المواقف والممارسات.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد أوضحت دارسات أن التربية الدامجة أقل كلفة من الناحية المادية، حيث إن تعليم جميع الأطفال في أقسام عادية يفيد في تفادي كلفة إحداث أقسام ومدارس ومراكز مختلفة. لقد أثبتت دراسة أجريت بكندا أن عدم دمج الأطفال في وضعية إعاقة في الشغل مثال قد يكلف الاقتصاد خسارة تصل إلى %7,7 من الدخل الخام.
شاهد أيضا:التربية الدامجة لفائدة المتعلمين في وضعية إعاقة PDF
المرتكزات الفلسفية للتربية الدامجة:
يعتبر تمتيع الأطفال بحقهم في التمدرس ضمن فضاءات عادية، ومن دون ميز أو وصم، أمرا أخلاقيا ينم عن احترام قيم إنسانية نبيلة، ومنها تقدير الناس وتثمين إمكانياتهم كيفما كانت قيمة تلك الإمكانيات.
وتجد التربية الدامجة أيضا مرتكزاتها في قيمة المساواة والتي تعتبر إحدى القيم الأخلاقية والفلسفية الأساسية، وفي قيمة التعاون والتساكن والعيش المشترك، بالإضافة إلى قيمة الأنصاف.
وتبقى التربية الدامجة فلسفة مؤمنة بقيمة محاربة الوصم والميز، إذ ال تنظر إلى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى قصورهم أو إعاقاتهم، بل إلى إمكانياتهم وقدراتهم، وهي فلسفة إيجابية تشجع على التطور، وتحفز بذل الجهد، وتزرع الثقة بالنفس.
المرتكزات العلمية والبيداغوجية للتربية الدامجة:
لعل من المرتكزات البيداغوجية والسيكولوجية التي تشكل دعامة التربية الدامجة، اعتبار النجاح في التعلم غير مرتبط بالفرد، بقدر ما يرتبط بنوعية وطبيعة الوساطة التربوية. إذ ليس هناك شخص عاجز عن التعلم، بل هناك وساطة عاجزة عن القدرة على إيجاد التقنيات والطريقة الملائمة التي تسمح بنقل المتعلم(ة) من منطقة التعلمات التي يمتلكها (على قلتها وضعفها)، إلى منطقة التعلمات المجاورة كما يقول فيكوتسكيVigotsky . ومن تلك المنطقة الثانية التي تتحول إلى منطقة مكتسبة، نحو منطقة ثالثة تكون مجاورة للثانية، وهكذا دواليك. إن اعتماد التربية الدامجة على السوسيوبنائية، يبرز أيضا أن بناء التعلمات يحدث نتيجة التفاعلات والصراعات، مما يسمح للاختلاف بأن يشكل أداة ناجعة لتعلم أفضل.
مبادئ التربية الدامجة
تستند التربية الدامجة إلى مجموعة من المبادئ، تمت الإشارة إلى بعضها عند الحديث عن المرتكزات الفلسفية، ومن بين تلك المبادئ، يمكن ذكر ما يأتي:
مبدأ المدرسة للجميع:
وهو مبدأ يركز على حق كل طفل في أن يجد له موقعا داخل المدرسة، كيفما كانت هويته الثقافية أو الاجتماعية أو الصحية. إذ على المدرسة أن تتسع لكل هذه التنوع والتعدد، وأن تنآى بنفسها عن الرفض والإقصاء.
مبدأ الحق في جودة التعلم:
إن التربية الدامجة لا تراهن على حق التعلم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم الأطفال في وضعية إعاقة فقط، بل كذلك الحق في جودة التعلم، مما يستلزم الاجتهاد من أجل ألا يكون تسجيل هؤلاء الأطفال شكليا، بل من أجل الحصول على تعليم يضمن وصولهم إلى أقصى ما يملكونه من إمكانيات، وفي ظروف تضمن كرامتهم.
مبدأ الأنصاف:
يختلف هذا المبدأ عن المساواة، إذ يرتكز على التمييز الإيجابي بما يضمن الوصول إلى المساواة في الحق، وليس في العوامل والظروف؛ ألنه إذا كانت المنطلقات متفاوتة، فإن المساواة في الظروف لا يمكن إلا أن تؤدي إلى مخرجات متفاوتة.
مبدأ تكييف التعليم لا تكييف المتعلم:
وهو مبدأ يركز على أن يجد الطفل ذاته في المدرسة من خلال مشروعه البيداغوجي الشخصي، الذي يسمح له بالتطور وفق وتيرته الخاصة في الفهم والتعلم والإنجاز.
مبدأ المراهنة على الوساطة الاجتماعية:
وهو مبدأ يعتبر أن جودة الوساطة التربوية والاجتماعية هي الكفيلة بتطوير التعلم والشخصية؛ وتبقى الحلقة الأساس في نجاح الدمج؛ سواء في بعدها البيداغوجي (المدرسون والمربون) أم في بعدها الاجتماعي (الأسر، زملاء القسم).
شاهد أيضا:
دليل التربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة PDF
التعليقات مغلقة.