الموهبة والمدرسة: مؤشرات ونظريات
المدرسة مشتل المواهب
المدرسة مُؤسَّسة رسميَّة لديها خبرات وإمكانات متراكمة والأصل فيها أن دورها تربوي فهي مؤهلة لكشف المواهب من حيث:
- نظم الالتحاق ومدة الدراسة والعطلة وما تتطلبه هذه النظم من معلومات وفرص انتقاء.
- نظم الاختبارات الدراسيَّة واختبارات القدرات وهي طريقة أساسيَّة في عملية كشف الموهوبين.
- نوع الأنشطة وتعددها وحجم ميزانياتها وما تنتجه الأنشطة من فرص الكشف عن الموهوبين.
- كفاءة المُعلِّمين ونوع ومستوى تدريبهم اللازم لعمليَّة كشف الموهوبين.
- مستوى الإدارة وخبراتها وأهدافها التربويَّة وتوافق ذلك مع مهمة كشف الموهوبين.
- نوع الجو النفسي والاجتماعي السائد.
- نوع المناهج والمُقرَّرات الدراسيَّة والوسائل التعليميَّة وما تتجه المناهج من فرص كشف الموهوبين.
- نوع وكم الخدمات الثقافيَّة والفنيَّة والاجتماعيَّة المقدمة إلى الطالب.
إن مراعاة قدرٍ مناسبٍ من النقاط السابقة في المدرسة يضمن مناخاً طبيعياً لإثارة المواهب وكشفها.
دور المدرسة في رعاية الموهبة
إن المناخ التربوي في المدرسة يزيل توترات الموهوبين ويوفر فرص بناء علاقاتٍ اجتماعيَّة مشجعة ويثير الموهوب فهو المناخ الحافز والمتيح لفرص الرعاية للموهوبين من خلال استثمار مفردات العمليَّة التعليميَّة الآتية:
- المناهج الدراسيَّة.
- هي المناهج الدراسيَّة التي تهدف إلى بناء الموهوب بناءً سورياً وفق موروثات البيئة العقائدية والثقافيَّة.
- وهي مناهج مخطط لها وهادفة ومتواصلة في مراحلها وحلقاتها وجوانبها.
- وهي مناهج إثرائية تربويَّة عمليَّة.
المحتوى المدرسي
- وهو محتوى جاد وملائم للمرحلة وللأهداف وللبيئة.
- وهو محتوى يعتمد على الخيال والإثارة والافتراضات.
- وهو محتوى مقدم بطريقة تبعث على الإثارة والتشويق.
- وهو محتوى ذو قضايا مفتوحة معاصرة ومهمة ومناقشات مثيرة.
الوسائل التعليميَّة
إن استخدام الوسائل التعليميَّة والتعامل وإيّاها يتيح للموهوب الفرصة لمزيد من المشاهدات والافتراضات والمثيرات والمدرسة التي توفر أحدث الوسائل وأقصى فرص الممارسة والتعامل مع هذه الوسائل للأبناء هي مدرسة تنمي المواهب بصورة فعلية.
الإمكانات والمرافق:
تؤدي الإمكانات دوراً هاماً في رعاية الموهبة فهذه الإمكانات تتكون من القاعات والملاعب والمعامل والمراسم والحدائق والمسرح والمعدات والأدوات والأجهزة فالموهبة تظل كامنة كلما غابت أو ضعفت هذه الإمكانات.
المُعلِّمون والإدارة:
وهما أصحاب التأثير المباشر والفعَّال في الموهبة فالموهوب يحتاج إلى علاقاتٍ سويةٍ يوفرها المُعلِّم وتوفرها الإدارة ويحتاج إلى فرص رعاية توفرها الإدارة وأسرة التدريس.
مؤشرات الموهبة
التعلم
- سرعة الفهم و الإستيعاب
- حصيلة عالية من المفردات
- طرح الإستفسارات اكبر من عمره
- قدرات حسابية عالية
العمل
- انهاء العمل في الوقت المطلوب
- القدرة علي التعامل مع ضغوط العمل
- الدقة والاتقان
- الدافع الداخلي للإنجاز
القيادة
- القدرة علي تحمل المسؤولية والقيادة
- القدرة علي اتخاد القرار
- القدرة علي الاقناع والتاتير
- حب التطوع والمبادرة
الإبداع
- توليد افكار وحلول غير مألوفة
- حب التجريب والاستطلاع
- القدرة علي الربط بين افكار وتوليد العلاقات
- الحساسية للفن والجمال
نظريات حول الموهبة
نظرية الثلاثية في الذكاء الإنساني و الذكاء الناجح لروبرت ستيرنبرغ
نظرية ذات الأبعاد الثلاثية في الذكاء أو نظرية سترنبرج في الذكاء (بالإنجليزية: Triarchic theory of intelligence)
طوّر روبرت ستيرنبرغ في جامعة Yale خلال العقدين الماضيين عدة نظريات حديثة في الذكاء ذات مضامين مهمة في الكشف عن الموهوبين وتعليمهم. ففي عام 1985 عرض نظريته الثلاثية في الذكاء الإنساني (Sternberg, 1985
وفي عام 1997 قدم صورة مطورة عن هذه النظرة سماها نظرية الذكاء الناجح (Sternberg, 1997). وعرف الذكاء الناجح بأنه القدرة على تحقيق النجاح في الحياة العملية طبقاً لمفهوم الفرد نفسه وتعريفه للنجاح في محيطه الاجتماعي الثقافي، وذلك عن طريق توظيف عناصر القوة لديه والتعويض عن عناصر ضعفه، من أجل التكيف مع محيطه بتشكيله أو تعديله أو تغييره بتآزر وحشد قدراته التحليلية والإبداعية والعملية
يفترض ستيرنبرغ أن الموهبة عملية إدارة ذاتية جيدة للقدرات العقلية وهو مايقدم صورة واضحة لأهمية تكامل أكثر من عامل في تحقيق السلوك الذي يمكن وسمه بالموهوب. هذه النظرية تشترط وجود ثلاث قدرات على مستوى عال حتى يمكن وسم السلوك بأنه دلالة وجود موهبة ما.
القدرات الثلاث هي:
- الذكاء المنطقي Intelligence Analytic
- الإبداع Creativity
- الذكاء التطبيقي Practical Intelligence
لتوضيح المراد بهذه القدرات يمكن لنا إعطاء أمثلة لثلاث شخصيات يواجهها المعلم والمربي باستمرار في المدرسة وخارجها.
أحمد طالب مجد في المدرسة يحصل على أعلى الدرجات في القراءة والكتابة، ونادرا ما يخفق في حل المسائل الرياضية. المعلم دائما يصف احمد بأنه تلميذ ذكي. على الرغم من هذا التميز إلا أن احمد نادرا ما يستطيع الاتيان بأفكار وحلول مبتكرة. فالتلميذ هنا قادر على إنجاز المطلوب على مستوى عال من الإتقان بالأسلوب الذي تعلمه من أستاذه، لكنه غير قادر على الوصول إلى أساليب جديدة للوصول إلى الهدف أو أفكار ذات سمة العمق والجدة في الموضوع المطروح. هذه القدرة يطلق عليها ستيرنبرغ الذكاء المنطقي أو الأكاديمي والتي يمكن قياسها من خلال اختبارات الذكاء والتحصيل الدراسي.
حامد تلميذ آخر لدى المعلم نفسه. على الرغم من أن حامد ليست لديه قدرات التحصيل الدراسي، والتي تتطلب أن يكون الفرد ماهرا في العمليات التكوينية componential operations كما هو الحال مع احمد إلا أنه كثيرا ما يبهر أستاذه بأفكار غريبة ومبتكرة. المعلم كثيرا ما يعلل هذه الظاهرة بأنها محض صدفة. بعض هذه الأفكار تبدو ولأول وهلة بأنها تافهة أو بعيدة الاحتمالية ولكنها في الواقع أفكار إبداعية. هذه القدرة يطلق عليها ستيرنبرغ الذكاء الإبداعي. هذه القدرة تمكن صاحبها من الخروج بحلول مبتكرة وذلك من خلال قدرة الربط بين الأفكار التي تبدو في ظاهرها متناقضة أو متباعدة
. محمد تلميذ ثالث في نفس الصف الدراسي. محمد لا يبدو بارزا في الصف لا من خلال التحصيل الأكاديمي ولا من خلال المشاركات الجذابة، لكن المعلم كثيرا ما يلجأ إليه لحل بعض المشكلات الصفية. هذا التلميذ لديه القدرة على استخدام الذكاء المنطقي والإبداعي في مواقف حية. هذه القدرة يسميها ستيرنبرغ الذكاء التطبيقي، وتمكن صاحبها من استخدام المعلومات النظرية في المواقف الحية لتحقيق النجاح المطلوب. التلميذ هنا قادر على الجمع بين القدرتين السابقتين في المجال التطبيقي أكثر منه في المجال النظري
يمتلك معظم الأشخاص خليط من جميع القدرات الثلاث بنسب متفاوتة ، ولكن وفقًا لستيرنبرغ ، فإن ما يصنع الموهبة هو وجود نسب عالية من القدرات الثلاثة والقدرة على استخدام أي منها في الوقت المناسب. الموهبة هنا هي القدرة على إدارة توازن هذه القدرات الثلاث بشكل
نظرية هاورد جاردنر Gardner
أحدث كتاب “أطر العقل: نظرية الذكاءات المتعددة” لعالم النفس الشهير هاورد جاردنر، الصادر في العام 1983، أي منذ عقود مضت، ثورة في علم النفس والتعليم، حيث جاء بنموذج جديد للذكاء الإنساني تخطى به النظرة التقليدية، المتمثلة في نوع واحد للذكاء يمكن قياسه باختبارات معيارية.
عرض جاردنر، في البداية، سبعة ذكاءات متداخلة، وهي: لغوية، منطقية- رياضية، وموسيقية، وجسدية- حركية، ومكانية، واجتماعية وفردية، وأضاف لاحقًا نوعًا ثامنًا، سماه الذكاء الطبيعي (الا أن هذه لم تخضع بعد إلى التجريب الدقيق)، وانتهى إلى الظن بوجود أنواع لم تكتشف بعد
وبعيدا عن الدخول في معمعة نظريات أخرى لتفسير كنه الموهبة أجد من الأجدر الإشارة إلى أن الاتجاهات الحديثة في مجال الموهبة والتفوق العقلي تتجه نحو لفت انتباه المربين إلى أن معظم التلاميذ لديهم مهارة ونبوغ في أحد المجالات المهمة التي تحتاجها البشرية.
إذ من الممكن لأي فرد أن يكون صاحب موهبة في واحد أو أكثر من هذه الأنواع. فيما يلي مختصر لهذه الأنواع السبعة:
1- الذكاء اللغوي أو اللفظي Verbal-Linguistic Intelligence:
يظهر هذا النوع من الذكاء في القدرة على استخدام المفردات اللغوية في مواقف متعددة ولأهداف متنوعة. ومن أمثلة هذا النوع من الذكاء قدرات: الاقناع، المناظرة، رواية القصص، إنشاء الشعر، الكتابة. عادة ما تجد أن الأفراد المتميزين في هذا النوع من الذكاء يعشقون اللعب بالمفردات على سبيل الدعابة كما أنهم متقنين في عمليات التشبيه والتمثيل والتوصيف ويقضون أوقات طويلة في القراءة بلا ملل.
2- الذكاء الرياضي المنطقي Logical-Mathematical Intelligence:
هذا النوع من الذكاء يعد أساسا للنبوغ في العلوم الطبيعية والرياضيات. الأفراد المتميزون في هذا المجال عادة ما يركزون على المنطق، لديهم قدرة عالية في الوصول إلى المتناغمات، لديهم قدرة على إيجاد العلاقة بين الأسباب والنتائج، لديهم قدرة ورغبة عارمة في تنفيذ التجارب العملية. وعادة ما تجد أن الأفراد المتميزين في هذا النوع من الذكاء يميلون إلى طرح التساؤلات والافتراضات ويعشقون وضعها تحت الاختبار
3- الذكاء الفضائي أو التصوريSpatial Intelligence :
يتظمن هذا النوع قدرات غير عادية على تصوِّر المشاهد أو الصور من خلال الحديث اللفظي أو الكتابي. الفرد هنا لديه القدرة على تحويل المكتوب أو حتى المحسوس إنفعاليا إلى صورة مرئية. فهو قادر من خلال استخدام الخيال على صنع أو إعادة تكوين وضع قائم. أوضح الأمثلة للمتميزين في هذا المجال: الرسامون، المصورون، المهندسون، ومهندسو الديكور.
4- الذكاء التناغمي Musical Intelligence:
ويتظمن القدرة على التلحين والاحساس بالتناغم الصوتي. الفرد القادر على تحويل الكلمات العابرة أو القصائد إلى أصوات متناغمة مع القدرة على تمييز الجمال أو الخلل في ذلك، هو في الغالب يتمتع بذكاء موسيقي أو تناغمي. من أمثلة الأفراد المتميزين في هذا المجال: القراء، المنشدون، والموسيقيون.
5- الذكاء الجسدي أو الحركي Bodily-Kinesthetic Intelligence:
وتتظمن القدرات المتعلقة باستخدام الجسد بصورة فائقة للعادة. هذا النوع من الذكاء يتيح لصاحبه أن يتحكم بنوع من السهولة والخِفّة بالمواد المحسوسة أو بحركات جسمه. ومن الأمثلة على أصحاب هذا النوع من الذكاء: الرياضيون وأصحاب ألعاب خِفْة اليد.
6- الذكاء الاجتماعي Interpersonal Intelligence:
هذا النوع من الذكاء قدرات على فهم أطباع الآخرين النفسية والاجتماعية بل وحتى العقلية بحساسية وشفافية. هذا النوع من الذكاء يتيح لصاحبه فرصة التعايش الجيد مع أصناف متعددة من البشر. غالبا ما يكون الأفراد المتميزون بهذا النوع من الذكاء أفراد يألفون ويُؤلفون، أفراد قادرون على التعامل مع ردات فعل المقابل ببراعة فائقة. من أمثلة المتمتعين بهذا النوع من الذكاء: المدراء المتميزون، الأطباء النفسيون، والأفراد ذوو القدرة على العمل الجماعي على وجه العموم
7- الذكاء النفسي الداخلي Intrapersonal Intelligence:
وتتضمن القدرة على فهم الإنسان نفسه من الناحية النفسية والانفعالية والعملية. أصحاب هذا النوع من الذكاء غالبا ما يفضلون العمل منفردين كما أن لديهم ثقة كبيرة في قدراتهم على فهم الأمور. تتيح هذه القدرة لصاحبها الاختيار المناسب لنوعية العمل والاتجاه الذي يتناسب طبيعته النفسية والأهداف المناسبة له. أغلب من تم تصنيفهم في هذا النوع من الذكاء هم من القادة العالميون.
على الرغم من بساطتها ، إلا أن العديد من المربين المعاصرين يعتبرون هذه النظرية واحدة من أعظم الإسهامات التعليمية في عصرنا. أعتقد أنه من المهم التأكيد مرة أخرى على أن هذا التصنيف لا يعني أن كل شخص لديه ميزة واحدة أو اثنتين فقط من هذه الاصناف ، ولكن من المعروف علميًا أن معظم الأشخاص يتمتعون عمومًا بكل هذه الميز والقدرات بنسب متفاوتة ، وبعض الأشخاص مميزون في جانب واحد أو أكثر
فلجعل المدرسة مشتل لصقل الموهبة يجب توفيرالمدرسين الأكفاء الأسوياء الذين يلِمُّون بخصائص الموهوب ويجيدون التعامل مع شخصيَّة الموهوب ويستطيعون إثارة عقل ووجدان الموهوب ويقدرون احتياجات المرحلة السنية وخصائصها هؤلاء المدرسون هم صناع المواهب
إعداد المتصرفة التربوية بهيجة الميص
التعليقات مغلقة.