خارطة الطريق وآفاق تحقيق النهضة التربوية بالمغرب
عرف المغرب في العقدين الأخيرين مجموعة من الإصلاحات والتغييرات الهامة، التي شملت قطاعات حيوية كان الهدف منها تقوية ودعم استراتيجياتها البناءة لمسايرة النهضة التنموية، سواء كانت متعلقة بما هو اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي، أو تربوي. ولعل المتمعن اليوم لأهم الدراسات والأبحاث التي تعنى بالمجال التعليمي وما يرافقها من تحولات عميقة في بناء منظومة تعليمية متكاملة، سيجد نفسه أمام تحديات من نوع خاص تقف سدا منيعا في وجه هذه المنظومة التعليمية التواقة دائما للرقي والازدهار، وتحقيق مبدأ الجودة التعليمية في مختلف مراحله التعليمية حتى تسعى إلى تحقيق النجاح وضمان تعليم مبني على الإبداع والابتكار قادر على تنمية قدرات ومعارف المتعلمين حتى يكون لهم دورا مهما في التطوير والريادة الدائمة في المسار التنموي للبلاد، لأن مسألة تقوية وتعزيز جودة التعليم بالمغرب رهين حرصنا كخبراء وباحثين وأكاديميين أن عملية إرساء نظام تعليمي مدمج ومنصف هو بمثابة نهضة تربوية ورافعة حاسمة لتفعيل وإنجاح خطط النموذج التنموي الجديد
خارطة طريق إصلاح منظومة التربية الوطنية 2022-2026.. ورش استراتيجي من أجل تحقيق نهضة تربوية
مفهوم خارطة الطريق
مفهوم خارطة الطريق يشير لخارطة اﻹنسياب (التدفق)وهي اداة لصياغة الإجراءات بشكل مرسوم يوضح اﻹجراء المطلوب وزمنه ومتطلباته ومعاييره والمكلف به.
تشكل خارطة الطريق لإصلاح نظام التعليم الوطني 2022-2026 ورشة عمل إستراتيجية تهدف إلى إحياء التعليم ، وتزويد الطفل بالظروف المناسبة لإكمال التعليم الإلزامي وتنمية مهاراته وقدراته ، مع تمكينه من الحصول على الدعم الاجتماعي. من الدولة والشركاء المعنيين. وذلك في إطار مقاربة شاملة.
وترتكز خارطة الطريق هاته، التي تندرج في إطار استمرارية مسلسل إصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب، في مرجعيتها الأساسية علي التوجيهات الملكية السامية الرامية الى تحقيق إصلاح تربوي شامل، وكذلك الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والإرتقاء، والقانون الإطار 51.17 للتربية والتكوين، بالإضافة إلى أهداف البرنامج الحكومي، ومضامين النموذج التنموي الجديد باللإضافة مخرجات المشاورات الوطنية حول المدرسة عمومية التي مكنت من تأكيد وجاهة مضامين خارطة الطريق المقترحة مع إغنائها بالمقترحات المقدمة
كما أكدت مجموعة من التقييمات الوطنية حول مكتسبات التلاميذ على وجود أزمة التعلمات بالمدرسة العمومية، على غرار البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA2019 وكذلك اختبارات التقييم الدولية مثل PISA والتي أكدت نتائج البرنامج الوطني السابق. حيث أن الأزمة البنيوية للتعلمات تفاقمت مع جائحة كورونا ، بينما أظهرت دراسة تقييمية منجزة خلال السنة الجارية، شملت 25 ألف تلميذ وتلميذة، أن اغلبية هؤلاء التلاميذ لا يمتلكون المكتسبات القبلية الضرورية لمواكبة المقرر الدراسي .حيث يعاني التلاميذ من مجموعة من المشاكيل
بالرغم من وجود إرادة للإصلاح، ورؤية استراتيجية مشتركة، منها ما هو متعلق بالتعلمات الأساسية غير المتحكم فيها، وفرص التفتح وتحقيق الذات المحدودة، وعدم تحقيق التعليم الإلزامي، حيث تصل نسبة الإنقطاع عن الدراسة سنويا لأزيد من 300 ألف حالة
ومن أجل الإرتقاء الفعلي بجودة المدرسة العمومية، كان لا بد من إحداث قطيعة مع الأساليب السابقة في أجرأة الإصلاح،وذلك بالإنتقال من مقاربة تتمحور حول الوسائل والتدابير المسطرية إلى ثقافة إصلاحية تتمحور حول الأثر داخل الأقسام
- خارطة الطريق 2022-2026 تعتبر فرصة سانحة من أجل بلورة التعليمات الملكية السامية على أرض الواقع وإعادة بناء الثقة لدى المواطنين والمواطنات في المدرسة العمومية، وذلك في إطار مقاربة جديدة في التنفيذ تجعل التغيير يمس مباشرة القسم ويحدث الأثر على التلميذ، إضافة،إلى اكتساب ثقة الرأي العام من خلال اعتماد رؤية واضحة على المدى البعيد، وكذا تقاسم الإنجازات بانتظام، فضلا عن توحيد الجهود والطاقات ضمن دينامية للبناء المشترك من اجل بلورة التزامات خارطة الطريق التي ترتكز على النتائج المنشودة التي تجعل المدرسة العمومية دات الجودة موجهة بأكملها نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية التالية المرتكزة على التلميذ والمدرس والمدرسة
وجعل الأهداف المرتبطة بهذه المرتكزات الثلاث إطارا للنتائج المرتقبة من الإصلاح
تحقيق إلزامية التعليم: يجب أن تراعي المدرسة احتياجات الأطفال، مما يسمح لهم بالاستمرار أطول فترة ممكنة ضمن المنظومة.
ضمان التعلمات: يجب أن تكون المدرسة مجالا يضمن للأطفال اكتساب المعارف والمهارات التي تساعدهم على النجاح في حياتهم الدراسية والمهنية.
تعزيز القدرات: يجب أن تكون المدرسة مكانا جاذبا وممتعا للأطفال يتشربون من خلاله القيم الوطنية والكونية ويطورون من قدراتهم الفردية
هذه الأهداف تمر عبر خفض نسبة الهدر المدرسي بمقدار الثلث (أزيد من 300,000 طفل وشاب يغادرون اليوم مقاعد الدراسة سنويا)، وتجويد المكتسبات والتعلمات في المدرسة من خلال زيادة معدل تمكن المتعلمين من الكفايات الأساسية إلى الثلثين، بدل الثلث حاليا، وضمان استفادة نصف الأطفال من الأنشطة الموازية بدل الربع حاليا.
الإلتزامات الاثني عشر
12 التزاما ترفعها الوزارة في خارطة الطريق، التي تنطلق من مقترحات الفاعلين التربويين والمتدخلين والشركاء، في إطار المشاورات الوطنية التي أطلقتها من قبل.
تستهدف هذه الالتزامات محاور التلاميذ والأساتذة والمؤسسات التعليمية،
من خلال خلق تعليم أولي ذو جودة مضبوط من طرف الدولة، من أجل إعداد جميع التلاميذ وتركيز المقررات الدراسية على اكتساب الكفايات والتعلمات الأساس والتحكم في اللغات، وتتبع ومواكبة فردية للتلميذات والتلاميذ لتجاوز صعوبات التعلم.
وكالتزام رابع، تلتزم الوزارة بتوجيه التلاميذ نحو مسارات دراسية تتلاءم مع مؤهلاتهم للرفع من فرص نجاحهم،
وتلتزم أيضا بدعم اجتماعي معزز من أجل تحقيق تكافؤ الفرص.
أما الالتزام السادس، توضح الوزارة فيسعى إلى تكوين التميز في الجانب التطبيقي والعملي، ما يمكن الأساتذة من اعتماد بيداغوجيا فعالة تولي عناية خاصة للتلميذ.
وضمن التزامات خارطة الطريق أيضا، خلق ظروف عمل ملائمة تستجيب لاحتياجات الأساتذة وتعزز تأثيرهم الإيجابي على التلاميذ
كما تلتزم بسن نظام لتدبير المسار المهني محفز ومثمن ييحث عن الارتقاء بالمردودية لما فيه مصلحة التلاميذ.
تاسع التزام، يتجسد في السعي إلى خلق مؤسسات توفر ظروف استقبال حسنة مجهزة وتستعمل الوسائل الرقمية.
فيما الالتزام العاشر فيهدف إلى تكوين مدير متوفر على مؤهلات قيادة المؤسسة للارتقاء بجودتها.
وتسعى خارطة الطريق في التزامها الحادي عشر إلى روح تعاون تعم كل الفاعلين بالمؤسسات،
فيما الالتزام الأخير يريد خلق أنشطة موازية ورياضية تمكن التلاميذ من التفتح وتحقيق ذواتهم.
التمويل والشروط
تشدد خارطة الطريق على أن إنجاح هذه الالتزامات، يتطلب ثلاثة شروط، تتعلق بإرساء منهجية تأمين الجودة ومسؤولية الفاعلين، والانخراط المسؤول لكل الفاعلين والمتدخلين، وتأمين الموارد المالية لاستدامة الإصلاح.
وعن تمويل هذه الأهداف، رصدت الوزارة حوالي 5 ملايير درهم إضافية استفاد منها القطاع، وتعول على اعتماد تخطيط مالي منسجم مع الأثر المنشود، ووضع إطار لتأمين الموارد.
، أن هذا المبلغ الإضافي ضروري، ويشمل كل الإصلاحات التي باشرتها الوزارة، حيث تواكب من خلال هذه الميزانية الإضافية مواكبة النظام الأساسي الجديد، التي تتفاوض من أجله مع النقابات.
وتتوقع الوزارة أن يصل الناتج الداخلي الخام في القطاع إلى 5,8 في المائة، و21 في المائة من الميزانية العامة. مقابل 5,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2021 (19 في المائة من الميزانية العامة).
وتتوقع أن تصل ميزانية القطاع إلى 88 مليار درهم سنة 2027، مقابل 69 مليار درهم سنة 2023، و62,5 مليار درهم سنة 2022.
و أن الوزارة تضع في الاعتبار ضرورة تحقيق مستوى معين في الميزانية، على اعتبار أنها تولي الأهمية الكبيرة لتوسيع التعليم الأولي
نهضة تربوية تواكب النموذج التنموي
وان كان لزاما ان نطلب من خبرائنا التربويين الاشتغال علي موضوع التحسين من العرض المدرسي للمؤسسات التعليمية ورفع من جودتها للحد من التعثر الدراسي الذي يعاني منه المتعلمون و المتعلمات
فإننا اليوم امام منعطف هام يقتضي تعبئة الجميع من أجل التنزيل السليم لخارطة الطريق الجديدة بغية تبني تقافة الجودة و آلياتها بشكل عام بعد تجريب الوزارة لها فترة 2010-2012 و استخلاص الدروس من فشل الاصلاحات السابقة وذالك من خلال التركيز علي تقوية قدرات الفاعلين ودعم استقلاليتهم وتحفيزهم
و تبني مقاربة نسقية لضمان تظافر الجهود من اجل تحقيق الالتقائية و الانسجام بين جميع العمليات . ودعم انخراط والتزام كل الاطراف المعنية من خلال الشراكة التعاقدية
سعيا منا لجعل جل المؤسسات تعليمية قادرة علي بلورة النموذج التنموي بشكل متكامل وشمولي ركيزته الأساس الاستثمار الجيد في الرأسمال البشري وتكوينه، من أجل تشكيل جيل الغد بخصائص تراعي متطلبات سوق الشغل وهذا لن يتحقق بطبيعة الحال دون ثقافة مؤسساتية مشجعة له تستحضر في أبعادها التربوية العلاقة التفاعلية بين التربية والتنمية،
إعداد المتصرفة التربوية بهيجة الميص
التعليقات مغلقة.