علم نفس النمو ومراحل الحياة
هذا المقال تحت عنوان علم نفس النمو ومراحل الحياة، وهو عبارة عن محاضرة في مادة علم النفس، من إعداد الأستاذة عائشة زياني (كلية الأداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل القنيطرة). ونقدمها لزوار موقعنا الجامعة التربوية نظرا لما لها من أهمية.
علم نفس النمو ومراحل الحياة
تقديم عام
ان المتتبع للمسار التاريخي لتطور علم النفس، ليرى إن دراسة موضوع النمو، بما كان يطرحه من تساؤلات حول التغيرات التي تطال الفرد تبعا لتطور سنه، قد ساهم في غنى وتشعب تيارات علم النفس إن على المستوى النظري أو المنهجي أو المفاهيمي .
ففي البدايات الأولى لعلم نفس النمو كان المراد به هو علم نفس الطفل لما كانت تثيره مرحلة الطفولة من تغيرات تدعو الباحثين إلى الكشف عنها وفهمها . وبالتالي فقد كان مفهوم النمو يراد به تلك السيرورة التطورية الديناميكية التي تجعل الفرد ينتقل من مرحلة نمو دنيا إلى مرحلة نمو أكثر تطورا. وبالنظر الى طبيعة مرحلة المراهقة بما تعرفه بدورها من تغيرات واضحة وسريعة على مستويات عدة جسدية ومعرفية ووجدانية علائقية، فإنها استطاعت أن تستقطب اهتمام الباحثين في علم نفس النمو الى درجة ساد معها الاعتقاد، في الكثير من المقاربات السيكولوجية، أن المراهقة هي تلك المرحلة التي يكتمل خلالها النمو وهي القنطرة الأساسية للانتقال إلى سن الرشد، مما يعني ان النمو قد يبلغ منتهاه عندها. وهذه القناعة لم تكن مرتبطة فقط بالسياق العلمي السائد لكنها ارتبطت أيضا بمستوى وعي المجتمعات وباهتماماتها. لكن سرعان ما أصبح علم نفس النمو إبان المرحلة الراهنة لا يهتم فقط بمرحلة الطفولة والمراهقة فحسب بل يغطى بالدراسة دورة الحياة بكاملها منذ المرحلة الجنينية، فالطفولة والمراهقة والشباب ثم الشيخوخة. هذه النقلة العلمية لم تكن اعتباطية بل أملتها شروط علمية واجتماعية تقضي بكون مفهوم النمو لم يعد مقتصرا على سيرورة التطور والانتقال من حال أدنى إلى وضع اسما وأعلى بل صار يتضمن أيضا كل تغير أو تحول أو زيادة أو نقصان أو ثبات يمس الفرد في أي مرحلة من مراحل الحياة هذه المراحل صارت تشكل كاملة بؤرة اهتمام المجتمعات الحالية .
إن هذا التطور الذي عرفه علم نفس النمو منذ بداياته الأولى إلى الوقت الراهن قد انعكس إيجابا على تيارات علم النفس التي صارت شيئا فشيئا أكثر تعددا ومعها تعددت المقاربات المنهجية، كما اتسع أيضا معها مفهوم النمو وغدا يتسع لأكثر من معنى.
ولتعميق الفهم بما أشرنا إليه في سياق هذه المقدمة سنعرض ضمن محاضرات هذه الوحدة أربع محاور كبرى، أولها يتعلق بالنمو و علم نفس النمو وهو يخص التحديد المفاهيمي لكلاهما فضلا عن معالجة عوامل وأبعاد النمو. أما المحور الثاني فقد أفردناه لمختلف المقاربات السيكولوجية لعلم نفس النمو بدءا من السلوكية والتحليلية إلى علم النفس المعرفي، فالإنساني ثم الايكولوجي. وقد خصصنا المحور الثالث لمناهج دراسة النمو. وضمن المحور الرابع سنعرض مراحل النمو التابعة للمراحل العمرية لحياة الإنسان.
المحور الأول: النمو وعلم نفس النمو الانساني
1 – توطئة تاريخية
إن ميلاد وتطور علم نفس النمو كاتجاه علمي سيكولوجي يهتم بسيرورة النمو لدى الإنسان، هو تابع لتطور علم النفس بشكل عام، أي بانتقاله من مرحلة التبعية الى مرحلة الاستقلالية الشء الذي أتاح لهذا العلم الاستفادة من السياق العلمي الذي كان سائدا وذلك بظهور نظريات تطورية لكل من لامارك وداروين.
أ – “لامارك” ونظرية النمو (1829-1744)
اهتم عالم الطبيعة الفرنسي لامارك بإشكالية تطور الكائنات الحية ومن ضمنها الإنسان بحيث انه قدم مع نهاية القرن 18 طروحاته حول التطور، ونظريته تعتمد على رصد التغييرات المستمرة التي تعرفها الكائنات الحية. والتي تقترن بمختلف التأثيرات المباشرة للوسط على العضو النشط. ويعتبر اتجاه “لامارك” اتجاهها وظيفيا أي أن الأعضاء تتغير تبعا لوظيفتها، وبالتالي فإن هذه التغييرات المكتسبة من شأنها أن تنتقل إلى الذرية عبر الوراث.
ب – داروين ونظرية النمو(1809-1882(
هو عالم طبيعة من أصل أنجليزي، اهتم بتطور النوع ونظريته تعرف بالنظرية التطورية للنوع. تنبني نظريته على ثلاث مبادئ:
- مبدأ اختلاف النوع(اختلاف الأفراد عن بعضهم البعض
- مبدأ التكيف (الأفراد الأكثر تكيفا مع المحيط هم الاكثر بقاء والأكثر تكاثرا)
- مبدأ الوراثة : الصفات الأكثر أهمية هي التي تكون موروثة
إن هذه النظريات التطورية لم تكن تهتم بشكل مباشر وواضح بعلم نفس النمو، لكنها نظريات تطورية عرفت انتشارا واستطاعت أن تثير انتباه الباحثين في علم النفس الى ظاهرة النمو ودفعتهم الى الاهتمام بدراسة سيرورة نمو الفرد وشكلت بذلك أساسا مفاهيميا ومنهجيا لعلم نفس النمو.
ج – بدايات علم نفس النمو
إبان القرن 19 صار علم النفس تخصصا علميا ومستقلا وأصبح يعتمد على مناهج العلوم الاخرى ففي المانيا تأسس أول مختبر لعلم النفس بفضل ”وليام فوندت” مؤسس علم النفس التجريبي، ويعود الفضل كذلك ل ”فيشنير“ الذي ساهم في تأسيس علم نفس السلوك
كان ستانلي هول سباقا لتسجيل بداية وجود علم نفس الطفل كاتجاه تطوري، ثم تلاه بعد ذلك جيمس بالدوين في الولايات المتحدة الامريكية (1861 – 1934) الذي اجرى ملاحظات منهجية حول الرضيع وادخل مفهوم رد الفعل الدائري كما اهتم بالاختلافات الفردية.
أما في أوربا فقد ظهر علم نفس الطفل بفضل “الفريد بيني” (1911 – 1851)
إلا أن التأثير القوي لمفهوم النمو والتطور فقد برز لدى “بياجي” الذي حاول الجمع بين “لامارك ” و”داروين” وبشكل عام يمكن القول أن علم نفس النمو قد ظهر للوجود مع تطور علم النفس واستقلاليته
فاهتم أولا بالطفولة خلال القرن 19نظرا لأهميتها ولسرعة وتيرة النمو خلالها ليمتد بعد ذلك الى دراسة المراهقة وكانت البداية مع استانلي هول. وفي المرحلة الحالية أصبح علم نفس النمو يغطي دورة الحياة بكاملها.
2 – مفهوم النمو الإنساني
أ – النمو من منظور علم نفس النمو الإنساني
-مفهوم النمو لا يقصد به فقط ذلك التطور الذي يستمر زمنيا ويتواصل بل يعني كذلك كل التغيرات والتحولات التي يعرفها الفرد على مدى حياته وعلم نفس النمو الإنساني هو تلك الدراسة العلمية للسيرورات المسؤولة عن كل التغيرات التي قد تتدخل أو لا تتدخل على مدى الحياة.
ب – أنواع التحولات
التحولات الكمية: هي التي يمكن قياسها (الطول، الوزن، تطور القاموس اللغوي، ارتفاع أو انخفاض درجة سلوك العنف. . . )
التحولات الكيفية: وهي التي ترتبط بطبيعة الشخص وبنظامه الداخلي(طبيعة الذكاء، طبيعة التعلق الوجداني، طبيعة الميولات والتوجهات والاهتمامات. . . )
ج – النمو بين الثبات والتعقيد
النمو هو سيرورة تطورية ديناميكية تغطي مراحل حياة الفرد لكنها تعرف نوعا من الثبات على مستوى بعض السلوكات أو بعض خصائص شخصية الفرد(الخجل، الاجتماعية. . . )
النمو الإنساني هو أيضا ظاهرة معقدة تتفاعل من خلالها عوامل متعددة وتختلف من شخص للأخر
3 – دلالة وأهمية علم نفس النمو
أ – دلالة علم نفس النمو
-يقصد به “تلك الدراسة العلمية للسيرورات المسؤولة عن مختلف التغيرات التي تتدخل أو لا تتدخل على مدى حياة الأفراد”
ب – أهمية علم نفس النمو
بالنسبة لدراسة الطفولة والمراهقة
بفضل التطور الذي أحرزه علم نفس الطفل اكتست مرحلة الطفولة أهمية كبرى إذ صار بالإمكان: فهمها و معرفة خصوصيتها واحتياجاتها وكذا تربيتها وتوجيهها وفقا لمنظور علمي سيكولوجي. وكذلك الامر بالنسبة لمرحلة المراهقة إذ أن دراستها تساهم في فهمها وتأطيرها والرفع من قدراتها وتعزيز نموها السليم وتحقيق اندماجها داخل المجتمع
دراسة مرحلة الرشد والشيخوخة
خلال السنوات الثلاثينية من القرن العشرين بدا الاهتمام بدراسة مرحلة الرشد لكون سن الرشد هو مرحلة هامة بالنسبة للمجتمع، كما أصبح الاهتمام منصبا أيضا على مرحلة الشيخوخة بهدف فهم هذه المرحلة وما يحيط بها من تغيرات و تشخيص احتياجاتها ومشاكلها وبالتالي التدخل من أجل الرفع من جودة الحياة لديها
دراسة دورة الحياة
حسب Baltes وزملاؤه يقوم النمو على ست مبادئ
- النمو هو متواصل على مدى الحياة
- يحتمل النمو الزيادة والنقصان ويتاثر بابعاد مختلفة ومتعددة
- التأثير النسبي للعامل البيولوجي والثقافي
- النمو تابع لاهتمامات ا لشخص
- النمو قابل للتطوير أو التعديل
النمو يتأثر بالسياق الثقافي والتاريخي
4 – عوامل النمو
أ – العوامل الداخلية للنمو:
الوراثة:
اي وراثة مجموع السمات الجينية الموروثة عن الآباء
الصفات الموروثة
- الخصائص الجسدية (الطول، لون الشعر، لون العينين. . . )
- بعض الأمراض الجسدية أمراض الدم (الايموفيليا، الطلاسيميا. . . )
التكوين الوظيفي
يتعلق بالوظائف البيولوجية للغدد التي يمتلكها الفرد:
الغدد | موقعها | وظيفتها |
الغدة النخامية | النصف الأسفل من الدماغ | مسؤولة عن نمو الجسم وتوازنه |
لغدة الدرقية | أسفل الرقبة | تفرز هرمون الثيروكين(ضعف هذا الافراز يسبب الوهن ويزيد من سمنةالشخص) |
الغدة التيموسية | تقع في أعلى التجويف الصدري | تنظم النشاط الجنسي |
غدة البنكرياس | أسفل المعدة | الهضم +افراز الانسولين المسؤول عن ضبط نسبة السكر في الدم |
علما أن هذا النضج يتأثر أيضا بالتعلم والبيئة.
ب – العوامل الخارجية:
المحيط الخارجي: نوع الأسرة(نووية، ممتدة، نوع العلاقات. . . )
وجود الإخوة أو عدم وجودهم
المستوى السوسيو ثقافي للأسرة
نوع السياق الثقافي الذي يعيش فيه الفرد
5 – أبعاد النمو الإنساني
- النمو الفيزيقي
- النمو المعرفي
- النمو الوجداني الاجتماعي
المحور الثاني نظريات النمو
التحليل النفسي
من الرواد المؤسسين له “سيكموند فرويد”، وقد كان في البداية عالم أعصاب neurologue الى أن استوقفته بعض التمظهرات الجسدية غير المفهومة، ودفعته لدراسة التنويم المغناطيسي وبدأت تطرح عليه بعض الأسئلة حول العلاقة بين النفسية والجسد، فأسس بذلك ما يعرف بالتحليل النفسي وتعتبر نظريته نظرية خاصة بالنمو النفسي الجنسي .
يرى فرويد ان جل الاضطرابات الفيزيقية لها سبب نفسي تابع لتجربة صادمة معاشة خلال مرحلة الطفولة لكنها كانت مكبوتة ومنسية.
أ – الاسس النظرية للتحليل النفسي
- يتكون الجهاز النفسي من نموذجين:
– نموذج الشعور /اللاشعور: الشعور يخضع لمبدأ الواقع(لايسمح بمرور ما هو لاشعوري، أما اللاشعور فيخضع لمبدأ اللذة ويتطلب الاشباع
نموذج الهو/ الأنا / الأنا الأعلى : هي مكونات أساسية للجهاز النفسي تسهر على تحقيق التوازن و اشتغالها يحقق نموا نفسيا.
1 – الهو: المكون الوحيد الذي يوجد لدى الفرد منذ ولادته و يعتبر مركزا للدوافع الأساسية، يخضع لمبدأ اللذة و لايحتمل التوتر.
2 – الانا : يلعب دورا وسيطيا بين الهو والانا الأعلى، مما يجعله يخضع لمبدأ الواقع، وللمنطق
3 – الانا الأعلى : يتكون خلال المرحلة القضيبية بحل عقدة اوديب، يخضع لمبدأ الأخلاق ويتضمن القواعد والمبادئ الأخلاقية وسبل المنع الآتية من الآباء.
بالنسبة لفرويد الشخصية السوية هي التي توازن بين الهو والانا والانا الأعلى لكن بفشل الانا في لعب دوره التنظيمي بين الهو والانا الاعلى يختل التوازن .
النمو النفسي الجنسي
1 – المرحلة الفمية (من 0إلى السنة الاولى): الهو هو الموجود والمسيطر خلال هذه المرحلة وتشكل منطقة الفم منطقة اللذة.
2 – المرحلة الشرجية(من سنة إلى 3 سنوات) تشكل بداية تكون الأنا لكن الهو يظل مسيطرا ومنطقة اللذة هي الشرج.
3 – المرحلة القضيبية (من3الى6س) : المنطقة المثيرة هي الأعضاء التناسلية خلال هذه المرحلة يكتشف الطفل الفروق الجنسية ويتماهى مع احد الأبوين من نفس الجنس.
4 – مرحلة الكمون (من 6إلى البلوغ): تتميز بهدوء الدوافع الغريزية وب ظهور ميكانيزمات نفسية: الكبت، التماهي، التسامي كما ان الاهتمام ينصب على الانشطة الفكرية والاجتماعية.
5 – النضج : و يتميز باكتمال النمو الجنسي و بالاهتمام بالجنس الاخر وهو آخر مرحلة من النمو.
2 – علم النفس السلوكي
السلوكية هي نظرية سيكولولوجية كبرى عرفت ازدهارا إبان النصف الأول من القرن العشرين، ويقصد بها ذلك العلم الذي يهتم بدراسة السلوك أي ما ينتجه الفرد من ردود فعل خارجية . ومن أهم روادها . . . . Bandura,skinner,watson
تركز السلوكية في دراستها على السلوكات الخارجية القابلة للملاحظة(حفاظا على الصفة العلمية)، وتعتبر كل ما هو لاشعوري أ و ذهني غير قابل للدراسة “العلمية”.
أ – السلوكية وسيرورة النمو
بالنسبة لعلم النفس السلوكي يعد النمو نتيجة للتعلم أي لمجموع ردود الفعل الناتجة عن المثيرات أو الظواهر الخارجية. وقد كان واطسون سباقا لدراسة ثنائية مثير استجابة كمعادلة ضرورية لانتاج السلوكات. وقد سميت مقاربته بنظرية الاشراط الكلاسيكي مقابل الاشراط العملياتي الذي يمثله سكينر ويتم فيه الربط بين الاستجابة ونتائجها، علما أن الاشراط الاجرائي غالبا ما يستعمله الآباء والمدرسون وكذلك المروضون للحيوانات.
فإذا كان سلوك معين يؤدي الى نتائج محمودة هذه النتيجة تعزز الفعل وترفع من احتمال تكراره وفي الحالة المعاكسة فإن احتمال تبني هذا السلوك يكون ضعيفا. فنمو تعلمات الفرد رهينة بنتائج السلوكات التي تم تعزيزها ايجابيا وبالتالي يتم اكتسابها وتعلمها .
أما بالنسبة للسلوكية الجديدة التي يمثلها Bandura، فترى بأن التعلم يتم من خلال ملاحظة او محاكاة سلوك الآخرين، بحيث إن الطفل ينتقي ويختار سلوكا معينا لدى الاخرين ويتبناه ويتخذه نموذجا يحتذى به. فإنتاج السلوك إذن يتم من خلال سياق اجتماعي .
على الرغم من الانتقادات التي وجهت لعلم النفس السلوكي جراء نظرته الاختزالية والخارجية التي كان يسعى من خلالها الى تحقيق العلمية إلا أن وجوده كان ضروريا للاتجاه نحو دراسة السيرورات الذهنية الداخلية من خلال علم النفس المعرفي.
3 – علم النفس المعرفي
علم النفس المعرفي هوالعلم الذي يهتم بدراسة النمو المعرفي، أي نمو الذكاء والسيرورات المعرفية من قبيل : الادراك، الذاكرة، التفكير(. . . )، ومن رواد هذا الاتجاه “جون بياجي” الذي عالج موضوع النمو المعرفي لدى الطفل أي مختلف طرق التفكير التي تحقق التوازن . وفي عمله هذا اعتمد المنهج الاكلينيكي بحيث كان يلاحظ ويسائل الاطفال بحثا عن حدود لمنطق الطفل . علما أن بياجي قد فسر النمو على ضوء اشتغال ميكانيزمي الاستيعاب والتلاؤم، فالاستيعاب assimilation، l هو دمج معلومة جديدة ضمن بنية معرفية موجودة سابقا أما التلاؤم accommodation، l: فيعمل على تطوير السيرورة المعرفية الموجودة سابقا من اجل الاخذ بعين الاعتبار لمعلومة جديدة أو وضعية. هذا النمو، عبارة عن سيرورة متواصلة الحلقات تخضع لتقطيع مرحلي، يسير من البسيط نحو المركب وهي كالتالي:
المرحلة الحسية الحركية
من 0 الى السنة الثانية: الحواس هي مصدر فعل وتعلمات الطفل
المرحلة ما قبل عملياتية
من 2الى 6 سنوات : استعمال الوظيفة الرمزية في تمثل المواضيع و الأشخاص.
المرحلة العملياتية :
من 6الى 12سنة: يصبح النشاط المعرفي عملياتيا باستعمال العمليات الذهنية.
المرحلة الصورية المجردة
12 سنة فما فوق: ينبني تفكير الطفل على افكار وعلى معطيات مجردة
لاشك أن النظرية البياجوية قد شكلت ثورة علمية ضد السلوكية إلا أنها تعرضت بدورها للانتقادات بسبب إغفالها لأهمية البعد الاجتماعي . هذا الأخير تم تناوله من طرف فيكوتسكي الذي أضاف للنظرية المعرفية بعدا اجتماعيا ثقافيا و بالنسبة له النمو يأتي من المجتمع نحو الطفل ويتحقق بفعل التفاعل مع المجتمع. وفي سياق النمو المعرفي عملت نظرية معالجة المعلومات على تفسير النمو المعرفي من خلال ملاحظة وتحليل السيرورات المتدخلة في إدراك ومعالجة المعلومات، وذلك من خلال مقارنة الذهن بالحاسوب من حيث اشتغالهما ومعالجتهما للمعلومات
4 – المقاربة الإنسانية
يعتبر كل منRoger Carl و Maslow. H Abraham من الرواد الاوائل المؤسسين لعلم النفس الانساني الامريكي. فعلم النفس الانساني هو علم له منظور ايجابي حول الإنسان باعتباره يتوفر على قدرات وراثية تمكنه من تدبير حياته والسهرعلى نموه الذاتي .
فهذا الاتجاه يعتبر الإنسان كائنا طيبا بطبعه، وما تلحقه من تغيرات سلبية ماهي إلا نتيجة لعوامل خارجيةوهو أيضا كائن حر قادر على تحقيق اختياراته، قادر على توجيه نفسه بنفسه وقادر على الإبداع وبالتالي فإن الفرد يتوفر على قدرة إيجابية تمكنه من النمو الايجابي والسليم.
حسب Roger Carl النمو مرتبط بالذات وتطور الذات رهين بالتمثلات التي يكونها الشخص عن ذاته في علاقة مع أحاسيسه وقيمه وآماله، بهدف تحقيقه لذاته أي انسجامه مع ذاته ومع الآخرين، هذا الانسجام لايتحقق إلا بفضل التعلمات الاجتماعية. فالطفل مثلا هو في حاجة إلى التقدير والاحترام والحب لكي تتطور شخصيته بشكل سليم. وبالنسبة لMaslow H Abraham فقد حدد 6حاجات لدى الانسان تسير تبعا لاهميتها :
1 – الحاجة الفيزيولوجية
2 – الحاجة للأمن
3 – الحاجة للعاطفة والانتماء
4 – الحاجة للتقدير
5 – الحاجة المعرفية والجمالية
6-حاجة تحقيق الذات
إن إشباع هذه الحاجات يحقق لدى الفرد ثقته بنفسه، استيعابه للواقع، تقبل الذات والأخر، القدرة على حل المشاكل، الإحساس بالحرية والقدرة والإرادة، القدرة على التواصل والاندماج. .
فعلم النفس الإنساني بمنظوره هذا أعاد الاعتبار للذات والإحساس والآمال والتجربة الإنسانية و ساهم بذلك في ميلاد مجموعة من الاتجاهات العلاجية ذات البعد الإنساني.
5 -علم النفس الايكولوجي:
يعدBronfenbrenner Urie) 1917-2005 (من مؤسسي علم النفس الايكولوجي الذي يقوم على الدراسة العلمية للتكيف المتبادل والتدريجي بين الكائن الانساني النشط، خلال نموه، وبين خصائص المحيط الذي يعيش فيه. وبهذايعتبر النمو سيرورة تفاعلية بين الخصائص الشخصية الداخلية وبين السياق الخارجي وكذلك السياق المحيطي أي العوامل الجغرافية والسياسية والاقتصادية و الثقافية. ومن أجل دراسة النمو من الضروري اخذ بعين الاعتبار ثلاثة ابعاد هامة:
1 النسق الداخلي(الخصائص الشخصية للفرد الموروثة منها والمكتسبةمن موروث جيني ومهارات فكرية وقيم
2 – النسق التطوري أي مختلف التغييرات التي يعرفها الفرد خلال حياته
3 – السياق أو المحيط الذي يعيش فيه الفرد ويترعرع داخله
المحور الثالث مناهج دراسة النمو
قبل الحديث عن المقاربات المنهجية لدراسة النمو لابد من استحضار أخلاقيات البحث العلمي وهي التي تنظم عمل الباحث وتجعله على علم ووعي بحدود البحث وبالتزاماته الأخلاقية.
أخلاقيات البحث العلمي
- طلب الإذن من المبحوث ومن المؤسسة التي ينتمي إليهاأخلاقيات البحث العلمي
- احترام قرار قبول أو رفض المبحوث للمشاركة في البحث
- احترام الكرامة الإنسانية، احترام الحياة الخاصة
- احترام مجال التطبيق الميداني
- ضمان سرية هوية المبحوث
- الالتزام بأبعاد البحث وحدوده
- منح المبحوث معلومات واضحة وكافية وشفافة عن موضوع البحث
-المقاربات المنهجية للنمو
أ – المقاربة الطولية longitudinale é
هي دراسة طويلة المدى، تتبع النمو لدى نفس الافراد خلال فترة زمنية معينة، وقد تغطي مرحلة زمنية طويلة و تتطلب الكثير من الوقت ومن الإمكانيات كما أنها مهددة باحتمال تخلي بعض المبحوثين عن المشاركة في البحث خلال مرحلة ما بسبب التتبع الطويل المدى .
ب-المقاربة المستعرضة transversale
هي مقاربة للنمو من خلال أعمار مختلفة دون تتبع ممتد زمنياإذ تقتصد في الجهد ونتائجها فورية كما أنها غير مرهقة للعينة المبحوثة ولا تتطلب إعادة تطبيق أدوات البحث خلال فترات زمنية متعددة
المناهج التطبيقية
ان طبيعة موضوع دراسة النمو هو الذي يفرض على الباحث اختيار منهج دون اخر، وسواء أكان المنهج تجريبيا أو غير تجريبي فهذا لا ينقص في شيء من علمية الدراسة النفسية
1 – الملاحظة:
الملاحظة هي أداة منهجية لا تفرض على المبحوث أي نوع من التطبيقات الميدانية
- هي إجراء منهجي صامت، يخضع لشبكة منظمة من الملاحظات التي يجريها الباحث
- هناك نوعان من الملاحظة: الملاحظة الطبيعية : التي يقيمها الباحث بنفسه وعبر حواسه والملاحظة الالية : التي تجرى بفضل تقنيات التصوير
. • تتكون الملاحظة من شبكة من الملاحظات التابعة لأهداف البحث وهي منظمة بشكل دقيق ومنظم وفق فرضيات البحث ويمكن أن تستخدم إلى جانب مناهج أخرى تجريبية أو إكلينيكية.
2 – المنهج الاكلينيكي
حسب Lagache. D ان المنهج الاكلينيكي داخل المقاربة النفسية يستخدم في الدراسة العميقة للحالات الفردية اي دراسة الشخص في كليته من خلال وضعية ما. وينتمي هذا المنهج للمقاربة التحليلية وقد يستعين المنهج العيادي باداة الملاحظة.
تسعى المقاربة المنهجية الإكلينيكية الى فهم الفرد من خلال البحث والتقصي في ماضيه وحاضره وقد يعتمد هذا المنهج أيضا على مجموعة من الاختبارات الاسقاطية وغير الاسقاطية .
3 – المنهج التجريبي
يتميز هذا المنهج بالدقة والموضوعية، فعندما نتحدث عن المنهج التجريبي نكون بصدد الحديث عن تجربة. و لتطبيق المنهج التجريبي لابد من وجود مجموعة تجريبية واخرى ضابطة
في المرحلة الاولى يتم توحيد شروط وظروف المجموعتين(مثلا من نفس السن، في نفس المكان والزمان، نفس المستوى الاقتصادي والاجتماعي..)
وبعد ذلك يتدخل الباحث على مستوى احد متغيرات المجموعة التجريبية ويقصد بالمجموعة التجريبية تلك المجموعة التي عرفت نوعا من التدخل او التغيير الذي وضعه الباحث لمعرفة مدى تأثيره . أما المجموعة الضابطة فتختلف عن التجريبية في كونها لم تخضع لأي تدخل من طرف الباحث ومن خلالها يستطيع الباحث ضبط التغييرات .
على الرغم من دقة المنهج التجريبي وموضوعيته إلا أنه لا يتلاءم دائما مع المواضيع المدروسة وليست كل المواضيع قابلة للتجريب. ان استعمال منهج ما قد تفرضه طبيعة الموضوع المدروس وفي بعض الاحيان طبيعة هذا الموضوع تدعو الباحث للجمع بين أكثر من منهج .
المحور الرابع مراحل النمو ومظاهره
مراحل نمو الانسان
تبعا لدورة حياة الإنسان سوف نتطرق لمختلف مراحل نموه منذ بداية تكوينه الى غاية آخر مرحلة عمرية وهذه المراحل هي كالتالي:
- المرحلة الجنينية
- – مرحلة الطفولة
- مرحلة المراهقة
- – مرحلة الشباب
- مرحلة النضج
- مرحلة الشيخوخة
مظاهر النمو لدى الانسان
خلال تتبعنا لسيرورة النمو لدى الانسان سوف نعرض أهم المظاهر المقترنة بالنمو الانساني ومن أهمها: المظهر الجسدي، المظهر المعرفي والمظهر الاجتماعي العلائقي .
1 – مشروع الانجاب
يعتبر مشروع الانجاب محطة هامة في حياة الانسان، إذ أن الرغبة في الانجاب أو عدم الرغبة من شأنها أن تِؤثر على النمو النفسي لدى الانسان. فكلما كانت هناك رغبة حقيقية وكلما توفرت الشروط والظروف الأساسية للإنجاب إلا ويشكل قرار هذا الانجاب قرارا إيجابيا وخطوة هامة نحو ترسيخ النمو السليم للطفل المستقبلي الذي هو في حاجة ماسة للإحساس بالرغبة في وجوده.
2 – المرحلة ماقبل الولادة
- أ – الاخصاب
تشكل هذه المرحلة بداية للحياة الجنينية لدى الانسان وذلك بلقاء خليتين جنسيتين(الحيوان المنوي+ البويضة) ووجود بويضة مخصبة يعني وجود 23كروموزوم من جهة الاب+23 كروموزوم من جهة الام، علما أن هذه الكروموزومات هي التي تنقل الصفات الوراثية.
مراحل نمو الجنين
هناك ثلاث مراحل لنمو الجنين
1 – من الإخصاب إلى الأسبوعين الأولين:
خلال 36 ساعة التي تلي عملية الإخصاب تتجه البويضة المخصبة نحو الرحم بعدما كانت في قناة فالوب وهناك تلتصق بجدار الرحم وتعرف هذه البويضة المخصبة نموا من خلال انقسامات تصبح على إثرها عبارة عن مضغة.
2 – مرحلة المضغة من الأسبوع الثاني إلى الثامن
إبان هذه المرحلة يتكون الغشاء الواقي، وتبدأ الأعضاء والأجهزة في النمو بشكل سريع(الجهاز التنفسي، الهضمي و العصبي)، وخلال اليوم 22 من الإخصاب يبدأ نبض القلب وبعد شهر يتكون الأنبوب العصبي الذي يشكل فيما بعد الدماغ.
عند نهاية هذه المرحلة يتوفر الكائن الإنساني على شكل وعلى أهم الأعضاء وتتميز هذه المرحلة بسرعة النمو وكذا بهشاشتها الشيء الذي يجعلها مرحلة قد تشوبها بعض تشوهات النمو من قبيل تشوهات الفم أو الأذن أو البصر.
3 – مرحلة الجنين
تمتد من الأسبوع الثامن إلى الميلاد، تتكون خلالها الأعضاء التناسلية عند الشهر الثالث وفي الأشهر الستة الأخيرة يتكون الشعر الأظافر، يكبر حجم الرأس و يستطيع الجنين الاستجابة لنبض قلب الأم ولحركات جسمها كما يمكنه أن يحس ويسمع ويتأثر بالعالم الخارجي.
الجنين والعالم الخارجي
بيئة الجنين هي الأم والأب(الحالة الصحية، السن، العادات الغذائية، الإدمان، الحالة النفسية)، يرى الباحثان كاسبر و سبانس من خلال تجاربهما ان قراءة الأمهات الحوامل لقصص بصوت عال خلال الست أسابيع الأخيرة من الحمل، تجعل الجنين بعد ولادته يفضل نفس القصة ويميز بين صوت الأم وصوت امرأة أخرى، علما أن ما تتعرض له الأم الحامل من مشاكل نفسية قد يصيب أيضا الجنين.
4 – مرحلة الطفولة
الولادة
زمن الولادة هو محطة استقلال عن المشيمة، ولحظة تفاعل وتكيف مباشر مع العالم الخارجي: التنفس، الرضاعة، التعلم، التعرض للمثيرات الخارجية.
نمو الطفل من الولادة الى السنتين
النمو الحسي الحركي
هو نمو يتأتى بفضل الحواس والحركات وعن طريقه يكتشف الرضيع العالم ويكون اول تعلماته ر فالقدرات الحسية تتطو بشكل سريع: جلد الرضيع يحس بمختلف المؤثرات (يبكي عند لمس اشياء مبللة ويسترخي عند لمسه بلطف) كما يستطيع سماع وشم وتذوق ورؤية الاشياء .
النمو المعرفي لدى الرضيع
يرى علم النفس المعرفي ان القدرات المعرفية للرضيع تتطور في وقت مبكر
، فخلال الأشهر الأولى يستطيع الرضيع تكوين تمثل ذهني حول المواضيع وبمقدوره أيضا التعرف على هوية المواضيع . وفي النصف الأول من السنة الأولى يستطيع تكوين مهارة عددية مبكرة وذاكرته تشتغل منذ الأشهر الأولى.
تطور اللغة
يعد البكاء اول طريقة تواصلية يستعملها الرضيع الحديث الولادة، ثم بعد ذلك يصدر اصواتا في شكل مناغاة، وسرعان ما ينطق اول الكلمات عند السنة الأولى وتدريجيا وعند اقترابه من السنة الثانية يكون جملا ويستطيع بذلك تسمية الاشياء والتعبير عن حاجياته. وفي المتوسط فان تعلم اللغة بشكل متحكم فيه يتم بين السنة الثانية والثالثة.
النمو الوجداني والاجتماعي
تبدأ علاقة التعلق الوجداني منذ الحياة الجنينية وتتطور مع تطور السن، بحيث إن الرضيع يتأثر سلبا أو ايجابا بطبيعة علاقته مع وسطه الاسري . وتبعا لمنظور السيكولوجية الايريكسونية فإن علاقة الرضيع بأمه في بداية حياته أي من 0الى السنة الاولى، تنبني اعتمادا على علاقة تعلق يتصارع فيها قطبي الثقة واللاثقة. ففي حالة ما أذا كانت هذه العلاقة مبنية على العناية والاهتمام والمحبة فان الطفل يكون الأساس الأول للثقة . كما يرى هذا الباحث أن الطفل على أساس هذه الثقة ومن خلال علاقته مع باقي افراد أسرته قد يحقق الاستقلالية لكن ان كانت هذه العلاقة سلبية فقد يصبح الطفل تابعا وخجولا .
نمو الطفل من 3الى 6سنوات
على المستوى الجسدي
يكون طفل هذه المرحلة أكثر قوة وأكثر قدرة على التحكم في حركاته ويصير نشاطه الحركي أكثر تطورا(المشي، الجري، القفز. . ). كما تتطوربنيته الجسدية لتصبح مشابهة لبنية الراشد خلافا للمرحلة السابقة. علما أن الطفل يصبح أكثر استقلالية من حيث التحكم في فضلاته .
المستوى المعرفي
- التحكم في اللغة
- ارتباط اللغة بالتفكير اي القدرة على استعمال اللغة للتعبير عن الأشياء ولو في غيابها
- القدرة على الإدراك والفهم
- يتطور لعب الطفل سواء منه الفردي او الجماعي. . .
-المستوى الانفعالي الاجتماع
بالنظر الى مستوى النمو الذي بلغه طفل هذه المرحلة فانه يؤهله للتفاعل مع الآخرين بشكل أفضل من السابق إذ يميز بين ذاته وبين الآخرين أي يتكون لديه مفهوم الذات وتتكون هويته الجنسية . كما يصبح اجتماعيا وحسب اريكسون تتميز هذه المرحلة بالمبادرة مقابل الخجل ويكون الطفل في مرحلة التفاعل مع أقرانه
من 6الى 10سنوات
على المستوى الجسدي
يعرف إيقاع النمو بشكل عام نوعا من البطء، إذ ينمو الطول والوزن والدماغ، وتزداد قوة العضلات كما تنمو القدرات الحركية(القدرة على الكتابة، الرسم، اللعب، الأنشطة الرياضية)، .
– المستوى المعرفي
هي مرحلة التمدرس
- تفكير الطفل موضوعي أكثر ويعتمد على المنطق
- تطور المهارات الرياضية
- القدرة على الفهم والتحليل •
غنى المعجم اللغوي •
التعبير بعمق ووضوح عن الحالات والوضعيات التي يواجهها الطفل
- الميل نحو الحديث المطول والحكي. . . –
المستوى الانفعالي والاجتماعي
حسب منظور اريكسون خلال هذه المرحلة يكون الطفل بين مهارة العطاء والفعل وبين الإحساس بالنقص . وبفعل التفاعل الايجابي مع الوسط المدرسي فانه يحقق مهارة العمل الجدي وبالتالي يحقق النجاح الذي يجعله يحس بتقديره لذاته ويساعده على الاندماج مع أقرانه ومع وسطه الدراسي كما يحس أيضا بالرضى عن النفس . ومن شأن طبيعة العلاقة الاسرية أن تؤثرعلى النمو الانفعالي والاجتماعي لدى طفل هذه المرحلة.
المراهق والنمو
مرحلة المراهقة
ما بين 11 و 18 سنة هي المرحلة التي تسمى بالمراهقة، فهذا التحديد العمري يظل نسبيا أذ يختلف من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر . وما يتفق عليه كون مرحلة المراهقة تتميز بسرعة إيقاع نموها وبالتغيرات التي تعتريها إن على المستوى الفيزيقي أو المعرفي أو الاجتماعي
المراهق والبلوغ puperté la
بفعل تأثير النمو الهرموني يصبح المراهق قادرا على الانجاب مثله مثل الراشد و يحقق نضجا جنسيا، كما ينمو على مستوى الطول، الوزن، العضلات، العظام. فعند سن العاشرة تصل الاناث الى مرحلة البلوغ ّولك في وقت مبكر مقارنة مع الذكور (12سنة).
نمو الدماغ
في الماضي ساد الاعتقاد حول اكتمال نمو الدماغ لدى الإنسان خلال فترة المراهقة، لكن التطورات التكنولوجية في مجال التصوير بالصدى اكدت ان نمو الدماغ لا يكتمل الا بعد الرشد
المراهق والنمو المعرفي
تبعا لمنظور بياجي، مرحلة المراهقة هي المرحلة التي يبلغ فيها النمو المعرفي مداه، أي مرحلة العمليات الصورية formelles opérations les، حيث يغدو التفكير مجردا، وفرضيا استنباطيا.
فعلى الرغم من النمو المعرفي الذي بلغه المراهق إلا أنه حسب منظور أخصائيين نفسانيين جدد ما يزال غير كامل النضج، وذلك بسبب تمركزه حول ذاته الى حد ما نتيجة لضعف تجاربه التي يستعمل من خلالها قدراته المعرفية التي قد تغير منظوره حول ذاته وحول محيطه.
المراهق ونمو الأحكام الأخلاقية
عند مرحلة المراهقة تنمو الأحكام الأخلاقية الاتفاقية حسب كوهلبرك وبموجبها يصبح الفرد قادرا على فهم أحكام وقيم وأعراف المجتمع المتفق عليها ويعمل على احترامها، فيغدو بذلك مسؤولا وقادرا على التكيف والاندماج داخل المجتمع .
المراهق والنمو الاجتماعي والوجداني
المراهق والهوية
هي مرحلة بحث وتكوين للهوية، حسب اريكسون يعيش المراهق ازمة هوية ويوجد بين قطبي تكوين الهوية وقطب الانصهار مع الاخر وضياع هذه الهوية، فحل هذه الازمة يعني حل ثلاث مشاكل اساسية:
1 – اختيار النشاط المهني
2 – تبني القيم
3 – تكوين هوية جنسية كاملة
المراهق والاسرة
ان درجة حدة الصراع بين المراهق واسرته رهينة بنوع العلاقة الوجدانية والتواصلية والتربوية التي كانت سائدة خلال الطفولة. فالمراهق يجد نفسه بين التبعية للوالدين والرغبة في الاستقلالية الشيء الذي يجعله يحس بنوع من التوتر ازاء علاقته بوالديه.
النمو ومرحلة الشباب من 20الى40سنة
مرحلة الشباب هي أطول مرحلة يعيشها الفرد، وقد تتخللها تغيرات عدة جسدية ومعرفية ووجدانية علائقية . وتعد مرحلة للنضج العام وعندها يكون الفرد أكثر فاعلية وقدرة وعطاء وإنتاجية.
النمو الجسدي في مرحلة الشباب
يتمتع اغلب الشباب بصحة جيدة، إلا أن هناك عوامل وراثية قد تؤثر سلبا أو إيجابا على النمو خلال هذه المرحلة، ومن شأن العادات الرياضية او الغذائية أو التعاطي لبعض أنواع المخدرات التأثير على سيرورة النمو لدى الشاب فضلا عن الحالة النفسية التي قد تنعكس بدورها على صحته.
النمو المعرفي لدى الشباب
يرى الباحثون في علم نفس النمو في المرحلة الراهنة أن النمو المعرفي لا يتوقف عند المراهقة بل يستمر الى سن الشباب. هؤلاء الباحثين يؤكدون وجود تفكير بعد صوريformelle p
لدى الشباب، بحيث إن هذا النوع من التفكير يجمع بين المنطق والانفعالات والتجارب العملية في حل المشاكل الغامضة.
النمو الوجداني والاجتماعي
حسب اريكسون إن مرحلة الشباب هي مرحلة العلاقة الحميمية، و يعلن خلالها الشاب استقلاله عن أسرته ليؤسس أسرة جديدة وليلعب دور الزوج والأب ويلعب أيضا دورا اجتماعيا من خلال الحياة العملية.
مرحلة سن النضج من 40الى65 سنة
- تعتبر هذه المرحلة من وجهة نظر المجتمعات الصناعية مرحلة خاصة ضمن مراحل دورة الحياة إذ لها معاييرها الاجتماعية وأدوارها وتحدياتها وهي مرحلة انتقال من سن الشباب الى مرحلة الشيخوخة.
النمو الجسدي خلال سن النضج
تغيرات على المستوى العضوي والمظهر الجسدي:
- الشيب، البشرة تفقد تدريجيا حيويتها وتتخللها التجاعيد
- تراجع كثافة العظام
- تغيرات طفيفة لدى البعض حيث يضعف النبض وتظهر بعض امراض القلب والشرايين
- وقد يحل سن الأمل ببعض الأشخاص وقد تضطرب لدى البعض حياتهم الجنسية
- قد تتراجع لدى البعض القدرات الحسية الحركية ويتراجع الجهاز المناعي
النمو المعرفي عند سن النضج
- نضج الخبرة (تحديد المشكلة او تشخيصها، ايجاد الحل
,,,) • استنادا الى التجربة والى الاختصاص يصبح الإنسان خلال سن النضج مرجعية يعتمد عليها في الحل المشاكل المستعصية
- القدرة على الدمج بين المنطق والحدس والشعور
- القدرة على الربط بين الافكار والاحداث المتعارضة وذلك استنادا على التجربة والخبرة
- هذه الطريقة تجعلهم قادرين على لعب ادوار سياسية واجتماعية
- القدرة على الابداع
: • خلال 40سنة اكتشف باستور الجراثيم المسؤولة عن الامراض
- خلال 50 سنة قدم داروين نظريته التطورية
- في سن 54 سنة رسم ليوناردو دافينتشي لوحة الجوكندا
- في سن 50 سنة وصلت الروائية أكاتا كريستي الى أوج عطائها
النمو الوجداني والاجتماعي
- حسب نظرية اريكسون تعد مرحلة سن النضج مرحلة توازي ازمة الهوية التي تتواجد بين الرغبة في العطاء أو الخمول والسلبية والانعزال، فبعض الأشخاص يلجأون الى العمل الجمعوي او التطوعي او السياسي وذلك لتقديم الخبرة والدعم وللعب الدور الفعال والاجتماعي داخل المجتمع وداخل الأسرة أيضا قد يلعب الشخص الناضج دورا توجيهيا وتربويا ووجدانيا علائقيا مع أفراد أسرته من اجل دعمهم ومساعدتهم.
النمو خلال السن المتقدم من 65 سنة الى نهاية الحياة
- مرحلة التراجع التدريجي للقدرات الفيزيقية
- مرحلة تختلف من شخص لآخر
- يتمثلها المجتمع من خلال أحكام قيمة وينظر إليها باعتبارها مرحلة عجز وضعف واللاقدرة
- هذه النظرة تختلف من مجتمع لآخر وقد تؤثر حسب طبيعتها على الشخص المتقدم في السن النمو الجسدي
- شيخوخة الجلد، ضمور العضلات، الشعر يفقد لونه ولمعانه وحجمه
- اعوجاج العمود الفقري في بعض الاحيان، هشاشة العظام
- شيخوخة الدماغ لدى بعض الاشخاص(تراجع قدرة الذاكرة الطويلة المدى، عدم فهم بعض الكلمات غير المعتادة
) • تراجع سرعة ردود الفعل، تراجع ايقاع النبض وعدم انتظامه، تراجع القدرات الحسية والحركية.
المشاكل الصحية المحتملة
- الاكتئاب
- الخرف
- الزهيمر
- مرض باركينسون
النمو الوجداني والاجتماعي
حسب نظرية اريكسون أن مرحلة الشيخوخة هي المرحلة التي يتصارع فيها قطبي أزمة الهوية، هذين القطبين هما سلامة الأنا وفقدان الأمل
. فعندما يقبل الشخص ذاته وسنه ويمارس دوره الاجتماعي ويقبل كذلك مآله فإنه يعيش حياة عادية. لكن إن انغلق على نفسه ولم يقبل المرحلة التي وصل اليها سيتشاءم وينعزل ولن يندمج داخل المجتمع .
خلاصة
إن معالجتنا لمحاور هذه المادة، جعلتنا بالتالي نقف أمام إنجازات هامة حققها علم نفس النمو بفضل دراسته لموضوع النمو مما ساهم بشكل كبير في تطور علم نفس حيث تعددت مقارباته وتشعبت مواضيعها، وتزايدت جرأته العلمية شيئا فشيئا فضلا عن اكتسابه لمرونة علمية تراعي خصوصية الظاهرة الإنسانية وتحتوي بالتالي جوانب متعددة من البحث أملا في بلوغ فهم أعمق بالإنسان
. ولهذا السبب امتدت الدراسة السيكولوجية لكل مراحل الحياة منذ البدايات التكوينية الجننينية الى مرحلة الطفولة فالمراهقة والشباب ومرحلة النضج ثم الشيخوخة. فصار بالتالي مفهوم النمو مفهوما متطورا يحتوي كل معالم النمو خلال دورة الحياة . فبالمرور من مرحلة الى أخرى نشهد تغيرات هامة على مختلف المستويات و المظاهر وقد تختلف سرعة وثيرة النمو كما قد تختلف طبيعته من مرحلة إلى أخرى، والهدف الذي يرمي إليه علم نفس النمو هو فهم مختلف التغيرات واللاتغيرات التي يعرفها الفرد إبان حياته، هذا الفهم ييسر تشخيص خصوصية كل مرحلة عمرية على حدى وبالتالي يجعلنا على علم بحاجيات كل مرحلة .
وخلاصة القول إن نمو الإنسان لا يتوقف عند مرحلة معينة بل هو جزء لا يتجزأ من طبيعة الإنسان التي تتطور بشكل لامتناهي حتى أخر العمر. هذا المنظور الجديد قد يغير نظرتنا لمراحل حياة الإنسان ويفتح أمامنا باب التساؤل حول الأهداف التطبيقية العملية لعلم نفس النمو تبعا لمراحل الحياة: فكيف إذن يمكننا الرفع من جودة الحياة لدى الإنسان ؟وكيف نجعله يعيش حياة نشطة جسديا ونفسيا واجتماعيا في كل مرحلة من مراحل عمره؟
التعليقات مغلقة.